مقترح لإعادة توزيع الدوائر الإنتخابية – بقلم د.محمد الدويهيس
كتبت مقترحاً سابقاً حول نظام الإنتخاب وتوزيع الدوائر الإنتخابية فأعيد هذا المقترح مع بعض التعديلات خاصة بعد الخطاب التاريخي لأمير البلاد صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الصباح والذي ألقاه نيابة عنه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح حفظهما الله ورعاهما في 22/6/2022 لعل أن يساهم هذا المقترح في اختيار أعضاء مجلس أمة أفضل ويساهم في أن تعم الفائدة على الجميع.
كما هو معلوم فقد اختلفت الآراء حول الإنتخابي الأفضل للكويت باختلاف التوجهات السياسية والحزبية والقبلية والمناطقية والعائلية ، فهناك من يفضل النظام الحالي خمس دوائر لانتخابية عشرة مرشحين بصوت واحد وآخرون يفضلون خمس دوائر بصوتين، بينما هناك من يرى أن النظام الانتخابي السابق وهو خمس دوائر انتخابية بعشرة مرشحين بأربعة أصوات هو الأفضل
بينما يرى فريق رابع أن خمس دوائر بعشرة أصوات هو الأفضل.
ويختلف المؤيدون والمعارضون لكل من الإختيارات السابقة طبقاً لمصالحهم البرلمانية وتوجهاتهم الإنتخابية وكذلك بناء على التوزيع الجغرافي لهذه الدوائر و عدد ونسبة الناخبين المحسوبين على كل تيار سياسي أو ديني أو طائفي أو قبلي! كذلك فإن عدد الأصوات التي يدلي بها الناخبون في كل دائرة يؤثر على مدى القبول أو الرفض من قبل هذه التيارات والقبائل والأحزاب والتكتلات، ولا يخفى على الجميع توجه وتأثير قرار السلطة التنفيذية على هذه الأنظمة البرلمانية والانتخابية سواءً بتحديد المناطق التابعة لكل دائرة انتخابية أو عدد الناخبين في كل دائرة من هذه الدوائر أو عدد الأصوات التي يحق للناخب الإدلاء بها لإختيار ممثليه بالبرلمان.
فمن خلال استقراء ومتابعة الممارسات الإنتخابية والمشهد السياسي تستطيع السلطة التنفيذية اختيار النموذج أو النظام البرلماني الانتخابي الذي يتناسب مع التوجهات السياسية والتنمية الاقتصادية والإجتماعية للدولة.
والمتتبع للمشهدالسياسي يلاحظ انكماش عدد ممثلي القبائل الكبيرة لحساب القبائل الصغيرة والأقليات بسبب تطبيق نظام الصوت الواحد، وقد أوجد ذلك الانكماش في عدد ممثلي القبائل الكبيرة في مجلس الأمة عدم الرضا من قبل أبناء هذه القبائل وفي الوقت نفسه لقي هذا الوضع ترحيباً من قبل أبناء القبائل الصغيرة والاقليات لإعطائها فرصة بالمشاركة البرلمانية على مستوى الدولة.
كذلك نرى أنه خلال العشر السنوات الماضية عدم استقرار السلطة التنفيذية على تحديد عدد الأصوات التي يحق للناخب الإدلاء بها، حيث تقلص عدد الأصوات التي يحق للناخب الإدلاء بها من خمسة أصوات في عشر دوائر الى أربعة أصوات في خمس دوائر ثم الى صوت واحد في خمس دوائر، كما هو الحال في الانتخابات الحالية والإنتخابات التي سبقتها! كذلك فقد تم تغيير تبعية بعض المدن والمناطق لبعض الدوائر الانتخابية في كل دورة إنتخابية جديدة! مما أوجد تشويشاً وخلطاً للأوراق وعدم الرضا من بعض المرشحين وبعض القبائل والكتل والتيارات الدينية والسياسيةمن هذا التغيير المفاجئ.
ومهما يكن عدد الدوائر وعدد الأصوات في كل دائرة انتخابية فلن يكون هناك رضا تاماًمن الجميع.
وفي اعتقادي الشخصي أن النظامين الإنتخابين الصحيحين لدولة الكويت هما أما يتم إعادة توزيع وتقسيم مناطق الكويت إلى 25 دائرة متساويةعدديًا و متقاربة جغرافياً حيث يحق في كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس والعشرين للناخب الإدلاء فيها بصوتين أو أن يتم تقسيم الكويت إلى خمسين دائرة انتخابية بصوت واحد وباعداد ناخبين متساويةعددياً ومتقاربة جغرافياً .
علماً بأنني أفضّل نظام الـ 25 دائرة وبأحقية الإدلاء بصوتين لإختيار مرشحين أثنين من كل دائرة انتخابية حيث يمكن تقسيم الكويت إلى 25 دائرة انتخابية وتقسيم عدد الناخبين الذي يقدر عددهم ب560 ألف ناخب وناخبة بالتساوي بحيث يكون عدد الناخبين في كل دائرة انتخابية بحدود 22400 ناخب وناخبة وفي اعتقادنا أن نظام ال 25 دائرة أفضل لأنه أكثر ملاءمة وأقل كلفة نسبياً وأقل تشتتاً للجهد من نظام الخمسين دائرة انتخابية بصوت واحد كما أن الدستور المادة 81من الدستور قد أشارت إلى عدة دوائر انتخابية ” الدوائر الإنتخابية تحدد بقانون ” وليست دائرة انتخابية واحدة”!!
وعليه أرى أن تستفيد الدولة من توزيع المناطق السكنية في القضاء على كافة أنواع التمييز القبلي والطائفي والحزبي من خلال الكيفية التي يتم بها تقسيم الدوائر الإنتخابية ال 25 سواءً بدأ هذا التقسيم من شمال الكويت إلى جنوبها أو من شرقها إلى غربها.
ويمكن أن يثير البعض بعض المآخذ على نظام الدوائر ال25 بأنه يمكن استغلاله من خلال عمليات نقل الأصوات أو شرائها وهذه الأمور تستطيع السلطة التنفيذية السيطرة عليها إذا كانت جادة فعلاً في إيجاد نظام انتخابي عادل يضمن حق الجميع في التصويت والمشاركة الديمقراطية.
إن المتعارف عليه في الديموقراطيات العريقة هو :”
One man one vote one district ”
أي يحق للناخب انتخاب عضو واحد عن دائرة واحدة صوت واحد .
أما اذا كان عدد الأعضاء المطلوبين في الدائرة الواحدة أكثر من عضو فمن حق الناخب اختيار العدد المطلوب ( انتخاب العدد المطلوب الذي يفوز بالدائرة)
فليس من العدل والإنصاف التصويت لمرشح واحد والعدد المطلوب 5 أو 4 أو 2 أو 10!!
فمن حق المواطن اختيار جميع الأعضاء الذين سيمثلون دائرته الإنتخابية في مجلس الأمة سواءً كان العدد 2أو 5 أو 4 أو 10 أعضاء.
ربما يري البعض أن ذلك لا يتناسب مع الكويت خاصة عندما تكون عدد الدوائر أقل من عشر دوائر بسبب القبلية والطائفية والحزبية وإمكانية فوزهم وسيطرتهم العددية بسبب الكثرة العددية أو استخدام أسلوب التشاور أو الانتخابات الفرعية !!
ولهذا السبب أنا شخصياً أفضل نظام 25 دائرة بصوتين رغم إمكانية نقل الأصوات وشرائها والتي يمكن للدولة السيطرة عليها اذا كانت فعلاً جادة في انتخابات شفافة ونزيهة.
وكذلك أرى ضرورة إعادة النظر في شروط الترشيح للانتخاب فلا يعقل على سبيل المثال أن من أحد الشروط للترشح معرفة القراءة والكتابة في عصر العولمة Globalization والإنترنت Internet Of Thing (IOT)والرقمية Digization
وغير خافٍ على الجميع أن كل مرشح وناخب وسياسي له رؤية وأهداف مختلفة حول كل من الأنظمة والبدائل الإنتخابية السابقة ويبقى دور السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على المحك في اختيار النظام الانتخابي الذي يحقق العدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد ويعطي فرصاً متساوية ومناسبة للتنافس الإنتخابي الشريف بين هذه التيارات والتكتلات والقبائل والطوائف. ويجب التأكد من أن النظام الانتخابي المختار يحقق الأمن والاستقرار والطمأنينة للكويت وأهلها، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
ودمتم سالمين