مجلس الوزراء الجديد والدور المطلوب بقلم د.محمد الدويهيس
ما هو الدور المطلوب من الحكومة القادمة في العهد الجديد وخاصة بعد الخطاب التاريخي لسمو أمير البلاد وسمو ولي العهد حفظهما الله ورعاهما والذي أرسى نهجًا حكومياً جديدًا بعد أن عانى الوطن والمواطنين من تعطيل للحياة السياسية بسبب الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية منذ الانتخابات البرلمانية 2020وبعد معايشة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية التي خلفتها جائحة كورونا COVID19 وسياسات التعافي منها. إن التعافي الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل والإصلاح المالي وحوكمة الإدارة الحكومية وتعديل التركيبة السكانية وإصلاح المنظومة التعليمية والقضية الإسكانية ،هي الأولويات الحكومية الواجب على الحكومة القادمة تضمينها في برنامج عملها،إن الدور المطلوب من الحكومة (السلطة التنفيذية) القادمة يختلف اختلافا ًجذرياً عن الحكومات السابقةويجب على السلطة التنفيذية استثمار توجهات القيادة السياسية في الخطاب السامي الذي ألقاه سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه واستثمار قضية العفو الخاص في رص الصفوف والتنسيق والتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتحقيق الأهداف التنموية فنحن الآن على مفترق طرق ويتطلب إجراء صدمة Shock وتغييرا جذرياً Drastic Change وفق خطوات علمية وتنظيمية وإدارية متدرجة من خلال التركيز على ثلاث قضايا رئيسية ومفصلية ومترابطة مع بعضها البعض وهي؛
١-الاستقرار والأمن الوطني.
٢-. وضع رؤية وخطة استراتيجية واضحة ومتفق عليها.
٣-كفاءة أداء الجهاز الحكومي
فمفهوم الأمن الوطني يركز على هيبة الدولة وقدسية الأمن الوطني ويهدف للمحافظة على كيان الدولة وتماسكها وسلامة المجتمع واستقراره ضد أي تحديات أو أخطار تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعى أو رفاهية المجتمع.
والقضية الرئيسية الثانية هي وضع رؤية وخطة استراتيجية تنموية شاملة لجهاز حكومي فعال ولمنظومة أمنية تهدف لحماية وصيانة الأمن الوطني وتحفظ الحقوق والحريات العامة.
والقضية الرئيسية الثالثة هي التركيز على إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة ورفع كفاءة الإدارة الحكومية في زمن التحول الرقمي Digital Transformation وذلك لأهمية دور الدولة ومحورية عمل الحكومة حيث أن الحكومة تزاول مهاماً لا يستطيع غيرها القيام بها .ونجد أن هناك تلازماً بين تحقيق الكفاءة في أداء الحكومةمع حماية وصيانة الأمن الوطني.
وسأحاول أن اختصر المهام الفرعية المطلوبة من السلطة التنفيذية القيام بها خلال المرحلة القادمة في النقاط التالية:
١-مطلوب التأكيد على فصل السلطات مع تعاونها فيجب أن تعاون السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية في مجال التشريع وانجاز المشاريع والخطط الحكومية في أوقاتها المحددة.
٢- تقديم الحكومة برنامج عملها بالوقت الدستوري المحدد على أن يتصف هذا البرنامج بالوضوح والشفافية والواقعية بالتنفيذ ووفق أهداف ومشاريع تشغيلية مشتقة من الرؤية الاستراتيجة للدولة Stategic Vision للسنوات القادمة.
٣-العمل على رفع كفاءة الجهاز الحكومي لضمان استدامة الموارد لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي والرفاهية الاجتماعية Sustainable Devolopment وتحقيق الأمن الوطني.
٤-التركيز على أهمية الدولة وهيبتها
وحماية وضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة وصون الحياة الكريمة للمواطنين وإقامة العدل والمساواة بينهم.
٥-ترسيخ مبادئ وقيم الحوكمة Governance والحكم الرشيد وتطبيق القوانين بشفافيةTransparincy.
٦-ترسيخ مشاركة و مساهمة المواطن وتحمل المسئولية الوطنية لتحقيق العدل الاجتماعي وتعزيز ركائز الاستقرار الاجتماعي وتحقيق الشفافية Transparincy وتعزيز النزاهة وتفعيل المساءلة Accountability والحد من الفساد ومكافحته.
٧-التأكيد على أسس وقواعد العدل والمساواة بين المواطنين ومبدأ تكافؤ الفرص ونبذ كل أشكال الانشقاق والتشرذم والصرعات بين فئات المجتمع الكويتي.
٨-العمل على استشراف المستقبل والتكييف مع المتغييرات المتسارعة خاصة بعد جائحة كورونا COVID19 وانتهاج التفكير والادارة الاستراتيجية Strategic Thinking في عمل السلطة التنفيذية ومؤسسات الدولة المختلفةلاستثمار المستجدات لمستقبل أفضل.
٩-الاصلاح الاداري وإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولةRestructuring
١٠- الاصلاح السياسي وإعادة إكتشاف دور ومهام الحكومة Government Reinventing وترشيق الجهاز الحكومي Downsizing ومحاربة الفساد وترسيخ نظام الحوكمة والحكم الرشيد وتأصيل قيم ومبادئ الحسم والحزم في تطبيق القانون.
١١-العمل على رفع كفاءة الجهاز الحكومي والإهتمام بالتنمية البشرية Human Capital وانتهاج التنمية المستدامة Sustainable Development ورفع كفاءة الأداء الاقتصادي وكفاءة الانفاق الحكومي..
١٢-العمل على كفاءة الحكومة من خلال الاستجابة السليمة لحاجات المواطنين وسهولة إيصال الخدمة الرقمية E.Services وتميزها والمساواة والشفافية Transparency في توزيع الخدمات الحكومية وجودتها والالتزام الأخلاقي بالقيم والمعايير المهنية Ethic codes and Standards.
١٣-تطبيق مفهوم الكفاءة وإدارة الجودة الحكومية الشاملة TQM ليس فقط في تقديم الخدمات وإنما في سائر المهام التي تؤديها الحكومة مثل فرض القانون وإصدار التشريعات وصنع السياسات واتخاذ القرارات وترتيب الأولويات مما يؤدي إلى تخفيض التكلفة الاقتصادية والفنية ورفع الكفاءة الإنتاجية والتوزيعية وزيادة المرونة والابتكار والابداع الحكومي.
١٤-العمل على تعزيز الحكم الرشيد وارساء الديموقراطية المعتدلة من خلال إدارة الاداء في أجهزة الدولة وتقييمها وتقويمها ودعم ثقافة التعددية والاختلاف بالرأي وتمثيل الأقليات وتوسيع مشاركة منظمات المجتمع المدني.وتعزيز الديموقراطية وترشيد التدخل الحكومي بما يضمن الأمن الوطني ويكفل حماية وصيانة الحقوق و الحريات العامة.
١٥-التطوير والتجديد واستشراف المستقبل وتشجيع المبادرات المجتمعية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني للمساهمة بفعالية في تحمل مسئولية تحقيق التنمية الشاملة.
١٦-التوجه نحو اللامركزية Decentralization سواء على مستوى المحافظات او التوزيع الجغرافي واستخدام اُسلوب التفويض والتمكين Empowerment في الادارة الحكومية لمزيد من المرونة وتبسيط الإجراءات وتقليل الدورة المستندية والسرعة في اتخاذ القرارات الحكومية.
١٧-احترام الخصوصية وانتقاء الأساليب العلمية والتقنية التي تتناسب مع ظروف المجتمع الكويتي وثقافته وتقاليده وتحفظ هوية المجتمع الكويتي وتحفظ الأمن الوطني والاستقرار السياسي والإجتماعي وفي نفس الوقت استخدام النماذج والنظم الدولية المتطورة والمتميزة والتركيز على الخصوصية للدولة وأثرها على أداء الحكومة Think globally and act locally واستثمار المزايا التنافسية وتحسين الخدمات العامة وفي مقدمتها توفير الأمن والاستقرار وتنفيذ القوانين
١٨-تفعيل المساءلة Accountability والرقابة والمتابعة والمحاسبة لمتخذي القرار في القطاع الحكومي والخاص لتحسين الأداء ومكافحة الفسادAnti-Corruption .
١٩-الالتزام الوظيفي Commitment من كافة الأطراف والقيادات الحكومية والجد والاجتهاد لتحقيق الأهداف المرسومة بجودة عالية.
٢٠-إعداد برامج لتوعية العاملين Awareness and Training بالأجهزة الحكومية بمفاهيم الكفاءة والاداء المؤسسي وتطوير نظم قياس وتقييم الاداء الحكومي. Performance and Management Evaluation
٢١-الاستفادة من التطور في نظم الاتصالات وتقنية المعلومات Information Technology لتحديث الادارة الحكومية وكفاءة استخدام الموارد البشرية والمادية وزيادة الفعالية والكفاءة Effectiveness and Efficiency في الجهاز الحكومي من خلال إدخال النظم الالكترونية الحديثة في الجهاز الحكومي E.Government واقتصاد المعرفة Knowelge Economy.
٢٢-تفعيل مباديء العقاب والثواب وبما يواكب عصر العولمة Globalization والتكنولوجيا الرقمية. Digital Technology
٢٣- إعداد القيادات الإدارية والشبابية لقيادة الجهاز الحكومي بكفاءة وفاعلية
٢٤-يجب التعامل مع الخصخصة Privitization ودور القطاع الخاص بمهنية وحرفيةبحيث يتم نقل روح وسمات ونهج القطاع الخاص والتي تحسن من أداء وكفاءة القطاع العام مثل نظم الادارة والجودة ونظم التقييم والقياس ونظم تحفيز التجديد والابتكارInnovaion and Creatvity
٢٥-ويجب أن يمارس القطاع العام دوره في مجال السلع والخدمات العامة كالدفاع والأمن والعدالة وتطبيق القوانين وحماية الأخلاق العامة والمسئولية الإجتماعية Social Responsibility وقيمة الالتزام في مخاطبة الأطراف الإقليمية والدولية.
وعليه فإن تحديد والإتفاق على ايجاد الرؤية الإستراتيجية Strategic Vision وتبني الادارة الاستراتيجية Strategic Management والتفكير الاستراتيجي Strategic Thinking والقيادة الاستراتيجية Strategic Leadership في أجهزة السلطة التنفيذية أصبح مطلباً ملحاً وخياراً لابد منه للتكييف مع المتغيرات المتسارعة واستثماراً للفرص والحد من الأثار السلبية للمخاطر والأحداث ومنهجاً لمشاركة المواطن في تحمل مسؤلياته الوطنية وزيادة كفاءة أداء الجهاز الحكومي مع التركيز على قدسية وقيمة الأمن الوطني من أجل تحقيق السعادة وتوفير الأمن والأمان والاستقرار السياسي والاجتماعي وصيانة الحقوق والحريات العامة.
٢٦- الإصلاح للمنظومة التعليمية التي هي الركيزة الأساسية للتنميةالإقتصادية الاجتماعية والسياسية والتنمية الإدارية
٢٧- الإصلاح الإقتصادي والمالي ومحاربة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية.وتفعيل المساءلة وتطبيق القانون بالعدل والانصاف والمساواة بين المواطنين.
وفي الختام يجب أن تهتم سياسات الأمن الوطني بمجموعة من التوازنات:
١-التوازن بين التكلفة المادية من جانب والتكلفة البشرية من جانب آخر.
٢-التوازن بين الشفافية والمكاشفة من جانب وضرورة السرية من جانب آخر.
٣-التوازن بين حرية تصرف القائمين على الأمن الوطني من جانب والقيود المفروضة عليهم من جانب آخر.
٤-التوازن بين الرأي العام من جانب ورأي الخبراء والمتخصصين من جانب آخر.
٥-التوازن بين السياسات الأمنية قصيرة المدي من جانب وسياسات الأمن الوطني طويلة المدى من جانب آخر.
٦-التوازن بين سلطة الدولة من جانب والحريات العامة من جانب آخر.
و يجب العمل على تأكيد أهمية التكامل Coordination and Synergy بين كفاءة وفعالية الحكومة وقدسية الأمن الوطني والتأكيد على مبادئ الحكم الرشيد ومقوماته في زمن العولمة والتغييرات والتحولات العظمي Mega Trends التي يشهدها العالم خاصة بعد التعافي من جائحة كورونا COVID19.
إن من السهل التنظير ولكن يبقى المطلوب هو الجد والإجتهاد والعمل الجاد والمخلص من الجميع سواءً في السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية أو السلطة القضائية أو المواطنين أو المقيمين على هذه الأرض الطيبة والاستعداد لمستقبل أفضل.
ودمتم سالمين.
ملاحظة:
تم إعادة وتحديث هذا المقال لإيماننا بأهميته في وضع بعض النقاط والأفكار والرؤى التي يمكن أن تخدم وتساهم في تفعيل ما جاء بالخطاب السامي الذي ألقاه سمو ولي العهد حفظه الله ورعاه .