كتاب و آراء

قطر .. من دبلوماسية الوساطة الى دبلوماسية التأثير.. بقلم نايف شرار

شهدت السياسة الخارجية لدولة قطر تطورات عديدة تمثلت بوضوح عند إنتقال السلطة في يونيو 1995 إلى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ، حيث رسمت دولة قطر في عهده مسارًا مستقلاً لسياستها الخارجية بإعتماد الدوحة انتهاج سياسةٍ خارجيةٍ قوامها تفعيل أدوات القوة الناعمة، وارتكزت على إستراتيجيات عديدة، أهمها إستراتيجية التحالفات مع القوى الكبرى والمؤثرة.

وبُعيْد وصول أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للحكم في يونيو 2013، عقب تنازل والده له عن السلطة في خطوة غير مسبوقة في التاريخ العربي ، حدث تغيير في أسلوب إدارة الدبلوماسية القطرية، وذلك من خلال تعزيز أدوات الدبلوماسية الناعمة كالإعلام، بإطلاق قنوات فضائية جديدة، و تعزيز الاقتصاد من خلال ضخ استثمارات أكبر في الخارج والداخل ، و التعليم بتعزيز القدرات الفكرية ورعاية الأحداث الدولية في شتى المجالات الثقافية والرياضية.

و قد لعبت دولة قطر دورا رياديا دوليا واقليميا يمكن أن نلمس ذلك مثالا لا حصرا في دعوة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في المحافل الدولية ، إلى تعزيز ثقافة الحوار وإلى تبني سياسة الدبلوماسية الوقائية. حيث شهدت السنوات الأخيرة انتقال قطر من دبلوماسية الوساطات إلى دبلوماسية التأثير، مما أبرز دورها كقوة إقليمية صاعدة مستفيدةً في ذلك من أدوات قوتها الناعمة متعددة الأبعاد والتي عملت على بنائها وتعزيزها خلال أكثر من عقد من الزمن. حيث تمكنت الدوحة من تبني خيارات استراتيجية متعددة معتمدةً على استقلال قرارها بما يخدم مصالحها، دون المساس بثوابتها.

وخلال تسارع التغيرات الدولية والتحولات الكبرى في العالم ، برزت قطر كوسيط في حل الخلافات والنزاعات . نذكر في هذا الصدد رعاية الدوحة في فبراير 2020، لمحادثات سلام بين “طالبان” والحكومة الأفغانية، توجت بتوقيع واشنطن وطالبان على اتفاق بانسحاب تاريخي للقوات الأمريكية من أفغانستان. معلنة انتهاء حرب بدأت عام 2001، في ظل صراع دام بين الجانبين دون انتصار أحد الطرفين طوال السنوات (19) الماضية،
وقد حاولت عدة دول لعب دور الوسيط للسلام في أفغانستان خلال 20 سنة الماضية وباءت مساعيها بالفشل .
وكان للدوحة أيضا دور ريادي للمصالحة في دارفور السودان ،والأزمة اللبنانية والصراع في اليمن والصومال ،
و النزاع الإثيوبي الإريتري حول القضايا الحدودية ، وبين فتح وحماس لإتمام المصالحة الفلسطينية وتطلب ذلك إرادة قوية ، وحيث تكون الإرادة قوية يكون بلوغ القمة سهل المنال .

نايف شرار
nayefshrar@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق