قرار خصخصة الخدمات الحكومية باطل – د.محمد الدويهيس
كنت من أشد المؤيدين لخصخصة الخدمات الحكومية بسبب سوء الخدمات التي تقدمها أغلب الأجهزة الحكومية وكذلك تكلفتها العالية والمتضخمة سنة بعد سنة على الميزانية العامة للدولة ولكن بعد متابعتي لجودة بعض الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص ولممارسات بعض القطاعات والخدمات التي تم تخصيصها فإنني أرى أن قرار التخصيص باطل حيث أن هناك شروط وأركان ومتطلبات للخصخصة فأذا لم تتوفر هذه الشروط والأركان للخصخصة فإن التوجه للخصخصة باطل من الأساس مثل بطلان من يصلي وهو لم يتوضأ ولم يتوجه نحو القبلة!
ويتضح سوء الخدمات التي تم تخصيصها بارتفاع تكلفتها مع ثابت أو تدني مستوى الخدمة عن ما كانت عليه قبل التخصيص أو زيادة التكلفة بدون رفع جودة الخدمة تحت مسميات جديدة للخدمة!!
ومن ممارسات شركات القطاع الخاص رفع التكلفة أو فرض رسوم خدمة كما حدث في إحدى الشركات المتخصصة في تزويد الوقود واحتكارها لأكثر من 30% من محطات الوقود في البلاد .ومثال آخر على سوء عملية الخصخصة يكمن باحتكار القلة في قطاع الاتصالات حيث سوء الخدمات المقدمة للجمهور وخاصة في خدمات الصيانة وفي خدمات مابعد البيع. وارتفاع الأسعار التي تفرضها شركات الاتصالات الثلاث في الوقت الذي تعلن فيه إدارة هذه الشركات بتحقيق أرباح سنوية هائلة!!
ومثال ثالث على تردي الخدمات وارتفاع تكلفة الصيانة في القطاع الخاص السيارات
ففي هذا القطاع يتم تسعير خدمات الصيانةوقطع الغيار وأجور الأيدي العاملة بشكل جنوني وبدون رقيب ولا حسيب!!
اذا لم يكن هناك نظام متابعة ومراقبة صارمة من قبل الدولة للقطاع الخاص بشكل دوري فإن تطبيق الخصخصة للخدمات الحكومية باطل وسيزيد من سوء وتردي الخدمات ومعاناة المواطنين ،كذلك اذا لم يتم حوكمة مجالس إدارة الخدمات التي يتم تخصيصها فإن قرار الخصخصة باطل،
كذلك لم يتم تعيين المواطنين في الخدمات والقطاعات الحكومية التي يتم تخصيصها فإن قرار الخصخصة باطل.واذا لم تساهم الشركات التي يتم تخصيصها في المسئولية الإجتماعية أو دفع ضرائب للدولة مقابل انتفاعها بالأراضي والتسعيرات المنخفضة لخدمات الماء والكهرباء فإن قرار التخصيص باطل.
نحن نعيش في زمن قطاع خاص يلهم ولا يسهم في خدمة الوطن والمواطنين بسبب ضعف الرقابة والمتابعة الحكومية وتعطيل مبادئ وقواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة في القطاعات الحكومية التي تم تخصيصها.
لذا يجب أن نتمهل قبل الإقدام على قرار تخصيص التعليم والصحة والكهرباء ويجب أن نضع الأطر والنظم الشفافة والضمانات التي تحفظ حقوق الدولة وتضمن تقديم خدمات متميزة للمواطنين وبتكلفة معقولة.
ودمتم سالمين