المحلية
الأندية والمنشآت الرياضية الكويتية لم تسلم من بطش الاحتلال العراقي..والرياضيون دونوا أسماءهم بسجل الخالدين شهداء وأسرى وجرحى
في رحاب الذكرى ال31 للغزو العراقي لدولة الكويت اليوم الاثنين ينبغي ألا نغفل الإشارة إلى ضحايا وقطاعات لم تسلم من بطش الاحتلال وممارساته الإرهابية ويصح القول إن الجرائم طالت البشر والحجر والشجر ومن ذلك الأندية والمنشآت الرياضية الكويتية التي اتخذها جنود النظام البائد ثكنات عسكرية ومعتقلات ومقار للتعذيب والإعدام والإرهاب بحق أهل الكويت.
وما تعرضت له تلك الأندية والمنشآت الرياضية من تعديات واحتلال وسلب رمزيتها لا يمكن إلا أن يعبر عن عدم قدرة النظام العراقي البائد على تحمل ما تعنيه هذه الأندية والمنشآت من قيمة وجدانية لدى أهل الكويت وانتصاراتهم وإنجازاتهم وحبهم للحياة وروحهم الوثابة.
وفيما هناك العديد من الشواهد الحية على ما تعرضت له الرياضة الكويتية من تدمير هائل على يد الغزاة بكل ما في ذلك من ذكريات مريرة فإن نجوم الرياضة الكويتية وأبطالها صمدوا بوجه العدو وضحوا بالغالي والنفيس ليكون منهم الشهداء والأسرى والمقاومون والمتطوعون والجرحى من أجل الكويت الحبيبة.
ومن أبرز تلك الأندية (كاظمة) الذي حوله الاحتلال العراقي إلى أكبر معتقل له في البلاد ربما لرمزيته لأنه اسم الكويت القديم إذ سيطر الغزاة على النادي مستغلين إياه أبشع استغلال إلى جانب أندية (العربي) و(القادسية) و(اليرموك) و(الكويت) و(خيطان) وغيرها ليتم سلبها بالكامل وجعلها ساحات تعذيب وقتل وإرهاب.
وفي الفترة التي سبقت الغزو كان الرياضيون الكويتيون يستعدون لبدء موسم جديد والتحضير للخروج في معسكرات خارجية للأندية والمنتخبات الوطنية وفي مختلف الألعاب وكان الاستحقاق الأبرز المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية ال11 في بكين في أكتوبر ذلك العام.
وكان مقررا أن تشارك الكويت بوفد كبير وبفرق عدة يتقدمها منتخب كرة القدم المتوج بلقب (خليجي 10) في مارس من العام نفسه الذي كان بدأ فعلا الاستعداد من خلال معسكر خارجي في فرنسا لكن نبأ الغزو شكل صدمة هائلة للاعبي (الأزرق) هناك وقرروا مغادرة فرنسا والدخول إلى الكويت عبر المملكة العربية السعودية.
في هذه الأثناء كانت الأخبار تتوالى عن استشهاد رئيس اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية الكويتية الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح رحمه الله وسقوط شهداء آخرين بينهم نجم المنتخب الوطني لكرة السلة قشيعان المطيري وهو عسكري وكان يستعد للمغادرة إلى ألمانيا في الرابع من أغسطس لخوض معسكر تدريبي مع منتخب كرة السلة استعدادا ل(الآسياد) لكنه وجد نفسه يلتحق بزملائه في رئاسة الأركان الذين اشتبكوا مع الجيش الغازي وفارق الحياة شهيدا سعيدا.
وقال نائب رئيس نادي (كاظمة) آنذاك سليمان العدساني لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم إنه في بداية الغزو العراقي “كان هناك اتصال بيني وبين رئيس النادي يوسف الشاهين لجمع مستندات النادي وملفاته والاحتفاظ بها لمنع تعرضها للسلب أو الحرق من الغزاة وبالفعل دخلنا إلى إدارة النادي وتم تحميل كل الملفات بكراتين وتم إيصالها إلى منزل الشاهين وتأمينها قبل أن تدخل القوات العراقية للنادي وتحوله إلى معتقل”.
وأضاف أنه بعد ذلك بأيام أصبحت ملاعب الاسكواش وحمام السباحة في نادي (كاظمة) أماكن للتعذيب ونهبوا الملابس والأدوات والكؤوس الخاصة بنادي كاظمة والمبالغ الخاصة بالصندوق عن بكرة أبيها وكان النادي مدمرا وبعض اللاعبين تم أخذهم أسرى مثل فوزي المعتوق وجمال الجزاف وهما لاعبا الكرة الطائرة فضلا عن أحمد قبازرد وقشيعان المطيري وهما لاعبا كرة السلة بالنادي استشهدا أيضا إضافة إلى لاعبين كثيرين مثل فيصل الصانع وخالد العيد وعبدالعزيز المسفر.
من جهته قال مدرب المنتخبين الكويتي الأول والأولمبي ونادي القادسية الكابتن محمد إبراهيم ل(كونا) إن نجوم ولاعبي المنتخب الكويتي الأول كانوا يستعدون لأولمبياد (بكين) وكنا في معسكر فرنسا وفي يومه الرابع جاء الخبر المفجع بالغزو وحينها توقفنا عن التدريب وتوجهنا إلى المملكة العربية السعودية.
وأضاف إبراهيم “دخلنا من حدود المملكة عن طريق البر حتى وصلنا إلى الكويت سالمين لنجد في وسط الصحراء قوات ودبابات عراقية احتلت بلادنا ومن هنا بدأت القصة مع بعض نجوم المنتخب الكويتي.
وأسهب في روي هذه الذكريات السوداء العصيبة حيث الدمار والنهب من قوات الاحتلال الذي عم البلاد وتمكنوا من المنشآت الحكومية في أول أسبوعين وسيطروا على الأندية الرياضية والجامعات والمدارس وحولوها إلى معتقلات لأسر وتعذيب الكويتيين.
وأشار إلى أنه قبل الغزو كان الكويتيون يعيشون أجواء بطولة (الصداقة والسلام) في نادي (كاظمة) 1989-1990 كما أقيمت دورة الخليج العاشرة وللأسف لدى وقوع الغزو تم تحويل اسم استاد (الصداقة والسلام) إلى مسمى (قيادة بغداد) وجعلوه أكبر معتقل لهم ومركزهم الرئيسي وكانت تلك مفارقة كبرى.
وقال إبراهيم إن نادي (القادسية) تم سلبه بالكامل أيضا بما في ذلك الكؤوس والوضع كان سيئا جدا وحولوا الملاعب ومنها القادسية إلى خنادق للاختباء عن الضربات الجوية.
وأشار إلى قرار النظام البائد حينها بضم دولة الكويت واعتبارها (المحافظة العراقية ال19) وكانوا يبحثون عن لاعبي ونجوم المنتخب الكويتي حتى يتم تشكيل ما يسمى منتخب (المحافظة ال 19) فقام اللاعبون الكويتيون بتغيير عناوينهم لمنع حدوث ذلك وللحيلولة دون القبض عليهم.
وأوضح انه منذ عودته للكويت تطوع لخدمة البلد إلى آخر يوم من الغزو وتمام التحرير وكان يعمل في منطقة العديلية وغيرها من المناطق لتدبير المؤونة لأهل الكويت الصامدين.
من ناحيته قال لاعب نادي (العربي) مالك القلاف إنه كان عسكريا وكان نادي (كاظمة) قريبا من مسكنه أكثر من (العربي) مضيفا “كنا نلعب كرة القدم في الاحياء أنا وكل من اللاعبين مؤيد الحداد وخالد الشمري وعبدالعزيز العنبري وبعدها دخلت في منطقة (بيان) وتم تشتيتنا وخفنا واستوعبنا أن العراقيين يبحثون عن اللاعبين”.
وأضاف القلاف أنه في يوم من الأيام تم استيقافي على الخط السريع وكنت أرى نادي (كاظمة) والسيارات والحافلات العراقية محملة بكويتيين تدخل وتخرج منه كأنه نقطة عسكرية وكان التفتيش من كل نواحيه أما بالنسبة لنادي (اليرموك) فكان ساحة كاملة متكاملة للقيادة موزعة ورأينا أدوات التعذيب إضافة إلى الأرضيات والألغام وكمية الذخائر والأسلحة وكانت هناك جثث معلقة.
وتابع “كنا نتغنى بملاعبنا لكن العراقيين دمروها كما أن المنشآت الرياضية استخدمت مهابط للهليكوبترات العراقية خصوصا نادي (العربي) لمساحته الكبيرة وأرضيته فكان منطقة استراتيجية واستغلوا المركز الحيوي لهذا النادي فمحطة الوقود قريبة وجميع التسهيلات وهو قريب من مدينة الكويت وتقابله الديرة ومناطق الدسمة والقادسية والبحر”.
وأشار إلى أن السرقات طالت نادي (العربي) أيضا بما في ذلك كأس الخليج على مستوى الاتحاد الكويتي الذي حصلت عليه في سنة 1990 وملفات وكمبيوترات ودروع وميداليات تمت سرقتها بالكامل وحتى النصب التذكاري لعبدالرحمن الدولة في الملعب تم إتلافه بسبب الحقد.
وقال إن هناك عاملا باكستانيا مخلصا اسمه منير عمل بالنادي العربي لفريق كرة القدم احتفظ ببعض الكؤوس والمقتنيات الخاصة بالنادي وخبأها لديه وبعد التحرير بلغ عنها.
من ناحيته قال حسين ياسين مساعد مدرب الفريق الأول في نادي (اليرموك) إن النادي كان معسكرا وشهد دمارا كاملا وقد تحول إلى معتقل وكانت المدافع منصوبة هناك وطائرات جاثمة فيه.
وأضاف ياسين أنه في شهر ديسمبر ذلك العام “ألقي القبض علي وأخذوني إلى مخفر سلوى وبعدها مخفر بيان بين 70 أسيرا ثم إلى سجن الأحداث مع نحو 3000 أسير بمختلف الأعمار بعدها البصرة عبر الحافلات إلى معتقل (بوصخير) مع 2000 أسير.
وأوضح أنه تم إطلاق سراحه في شهر فبراير بعد التحرير ضمن الدفعات المتتالية المفرج عنها عن طريق الصليب الأحمر الدولي والعودة إلى الكويت عن طريق معبر (سفوان) حتى وصلوا لمستشفى الجهراء لتلقي الفحوصات والعلاجات.
أما لاعب نادي (الكويت) أحمد عبدالحميد فتحدث عن موضوع اعتقاله وأخذه لتشكيل فريق ما يسمى (المحافظة 19) حيث كان العراقيون متمركزين في نادي (الكويت) بمنطقة (كيفان) وكانوا يستغلون المنشآت ثكنة عسكرية.
ولفت عبدالحميد إلى أن هناك لاعبا عراقي بنادي الكويت أبلغ القوات العراقية “وتم اعتقالي أنا وسالم الكندري وأخذنا الى معتقل العارضية تحديدا (المشاتل) وكانت هناك الشهيدة الكويتية أسرار القبندي رحمها الله ونسمع تعذيبها.
وتابع انه خلال اعتقاله تم تعذيبه بالكهرباء بعدها تم نقله والكندري للقاء المقبور عدي صدام حسين وخلال المقابلة التي استغرقت ساعة تقريبا في مكتب المقبور قال “سنشكل فريق (محافظة 19) وسأعطيكم فرصة حتى شهر فبراير لاستخراج قائمة للاعبين ولتشكيل الفريق وأخذ معلوماتنا كافة لكن فور عودتنا للكويت غيرنا كل شيء”.
من ناحيته قال اللاعب في نادي (خيطان) ناصر العجمي إن العسكريين العراقيين حولوا النادي إلى نقطة أمنية فموقعه استراتيجي بالقرب من المطار وعلى طريق سريع وكانوا قد نصبوا تحصينات وأسيجة وحولوه إلى معسكر بعد سرقته وإتلاف ما فيه.
وأضاف العجمي انه في فترة الغزو كانت الأندية مطوقة ومسيجة فالصالات الرياضية كانت مسكنا للعراقيين ومنظرها مأساوي لا يوصف حيث الجثث والدماء والخنادق والمشانق.
ولا ننسى في هذا المجال أن رياضيي الكويت خارج الوطن المحتل إبان الغزو كانوا يقومون بعمل لا يقل أهمية عن إخوانهم في الداخل فمنهم من تطوع في القوات التي شاركت في التحرير ومنهم من حمل على عاتقه مسؤولية إبقاء اسم الكويت في المحافل الرياضية الخارجية.
يذكر أن قائمة شهداء الرياضة تضم مجموعة كبيرة من بينها رئيس نادي القادسية يوسف المشاري والمدرب خالد إدريس واللاعبون أحمد قبازرد وجمال الجزاف وميثم المولي وأحمد الطراروة وأحمد الخواري وجمال السالم وعصام سعد الله وغيرهم. كونا